بيان مشترك لمنظمة العمل الدولية وهيئة الأمم المتحدة للمرأة بمناسبة اليوم العالمي للعمل من أجل الرعاية، 29 أكتوبر/تشرين الأول 2022

بيان | ٢٩ أكتوبر, ٢٠٢٢
لتوفير الرعاية أساليب عدة وطرق مختلفة حول العالم. لم يكن حجم التغيير سريعًا ودراميا في أي مكان كما هو الحال في لبنان، اذ تقليديا، اعتمدت العائلات على العمالة قليلة الأجر من خلال نظام الكفالة المعتمد في لبنان، لتلبية احتياجات الرعاية الخاصة بهم - ولكن هذا الأمر بات يزداد صعوبة مع الانهيار الاقتصادي الذي تشهده البلاد.

يعتبر لبنان من البلدان التي تتضمن أعلى نسبة شيخوخة مع أعلى نسبة كبار السن مقارنةً بالدول العربية، بالإضافة إلى أعلى متوسط عمر متوقع. يحتاج العديد من هؤلاء السكان إلى رعاية طويلة الأمد، كما هو الحال بالنسبة لنسبة كبيرة من الأشخاص ذوي الإعاقة والأسر التي لديها أطفال صغار. ومع ذلك، فإن الاستثمار العام في الرعاية منخفض تاريخياً وتراجع أكثر، فعلى سبيل المثال، انخفض الإنفاق الصحي في لبنان كجزء من الناتج المحلي الإجمالي من 12.6٪ إلى 8.65٪ من العام 1990 إلى العام 2019. بالإضافة إلى ذلك، يبلغ الإنفاق على الحماية الاجتماعية 6.2٪ فقط من الناتج المحلي الإجمالي (و0.17% فقط على الحماية الاجتماعية غير القائمة على الاشتراكات). هذا الأمر دفع بالأسر إلى توفير الرعاية المنزلية غير مدفوعة الأجر أو المدفوعة لأحبائها، ولكن من دون أي أسس لازمة لضمان العمل اللائق في هذا القطاع.

يدعو إطار العمل الخماسي لمنظمة العمل الدولية الخاص بعمل الرعاية اللائق إلى إجراءات تحوّلية في مجالات السياسة الخاصة بالرعاية والاقتصاد الكليّ والحماية الاجتماعية والعمل والمساواة والهجرة وأخيراً البيئة. يوصي الإطار بضرورة (1) التعرّف على أعمال الرعاية غير مدفوعة الأجر وتقليلها وإعادة توزيعها؛ (2) توفير العمل اللائق لمقدمي الرعاية؛ (3) ضمان التمثيل والحوار الاجتماعي والمفاوضة الجماعية للعاملين في مجال الرعاية. كذلك، تُظهر دراسة أجراها الاتحاد الدولي لنقابات العمال (ITUC) والتي تم إطلاقها اليوم، أن الاستثمار في اقتصاد الرعاية يمكن أن يشكّل حافزًا اقتصاديًا قويًا لخلق فرص عملٍ مع استرداد هذا الاستثمار من خلال زيادة الإيرادات الضريبية.

في هذا اليوم العالمي للعمل من أجل الرعاية، تدعو منظمة العمل الدولية وهيئة الأمم المتحدة للمرأة، الحكومة اللبنانية والشركاء الاجتماعيين والمجتمع اللبناني إلى تلبية الحاجة الملّحة لضمان العمل اللائق في مجال الرعاية المنزلية. لقد ازدادت بالفعل أعمال الرعاية غير مدفوعة الأجر للمرأة منذ بداية الأزمة الاقتصادية في لبنان، في ظلّ وجود القليل من السياسات المعمول بها للتعرّف على أعمال الرعاية وتقليلها وإعادة توزيعها. علاوة على ذلك، عانى المهاجرون وعمال الرعاية الوطنية بأجر من الاستغلال المتزايد والافتقار إلى العمل اللائق، نظرًا لغياب الحد الأدنى من تدابير حماية العمال وفرص التنظيم والتمثيل والحوار الاجتماعي والمفاوضة الجماعية

بناءً على المشاورات مع أصحاب المصلحة المتعددين والتي عُقدت في 3 أكتوبر / تشرين الأول 2022 لمناقشة اقتصاد الرعاية المنزلية في لبنان والتي حضرها أكاديميون والحكومة والنقابات العمالية والمنظمات العمالية والقطاع الخاص ومنظمات المجتمع المدني ومنظمة العمل الدولية وهيئة الأمم المتحدة للمرأة. ندعو الحكومة إلى:

1. وضع آليات لتوسيع نطاق الحماية العمالية والاجتماعية لتشمل العاملين في مجال الرعاية المنزلية وبالتالي إضفاء الطابع الرسمي على المهنة وخلق الحدّ الأدنى من معايير العمل اللائق

تحتاج أنظمة العمل والحماية الاجتماعية في لبنان إلى إصلاحٍ عاجل. عند إجراء هذه التغييرات المهمة، لا ينبغي التغاضي عن إدراج العمال المنزليين. نظرًا لاستبعادهم من قانون العمل، فإن العمال المنزليين (سواء كانوا مهاجرين أو مواطنين) غير مؤهلين للاستفادة من أنظمة الحماية الاجتماعية القائمة على الاشتراكات مما يجعلهم معرضين للخطر. وبسبب استبعادهم من قانون العمل، فإنهم يفتقرون إلى تدابير حماية العمل الأساسية بالإضافة إلى ضمان الحد الأدنى للأجور. يجب أن يكون إلغاء المادة 7 من قانون العمل (والتي تستثني عاملات المنازل) وإدماج عاملات المنازل في الضمان الاجتماعي من الأولويات العاجلة، كما يجب إلغاء نظام الكفالة.

2. ضمان انعكاس حقوق العاملين في مجال الرعاية في الاستراتيجيات وخطط العمل الوطنية المتعلقة بكبار السن والأشخاص ذوي الإعاقة ورعاية الأطفال والحماية الاجتماعية

تهدف العديد من الاستراتيجيات وخطط العمل المتعلقة بالرعاية إلى توفير "رعاية جيدة و نوعية". وفي حين أن الأخذ بمنظور متلقي الرعاية قد يبدو بديهيًا، وقد هيمن على الخطاب وأجندة السياسات بشأن توفير الرعاية، فيجب أن يأخذ ضمان الرعاية الجيدة في الاعتبار أيضًا حقوق وأصوات مقدمي الرعاية. من وجهة النظر هذه، يجب أن تشير "جودة الرعاية" إلى احتياجات متلقي الرعاية واحتياجات وظروف العاملين في مجال الرعاية. يجب النظر إلى هذين الهدفين بشكل منهجي عندما تتم الإشارة إلى الرعاية الجيدة في الاستراتيجيات والأهداف وخطط العمل الوطنية. مثلاً، تخلق كلّ من الاستراتيجية الوطنية لكبار السن في لبنان واستراتيجية الحماية الاجتماعية عددًا من التوصيات المهمة فيما يتعلق بدعم الرعاية المدفوعة وغير مدفوعة الأجر لمقدمي الرعاية في المنزل. وفي حالة استراتيجية الحماية الاجتماعية خصوصاً، نجد توسعاً تدريجياً في التغطية القانونية والفعالة لنظام الاشتراكات لجميع العمال وأسرهم على أساس المساواة في المعاملة والتضامن. من المهم أيضاً أن يتّم وضع كلّ الاستراتيجيات وخطط العمل الوطنية المتعلقة بالرعاية والتي يجري تصميمها حالياً، من خلال إشراك متلقي الرعاية ومقدمي الرعاية بما في ذلك العمال المهاجرين والوطنيين بأجر ومن دون أجر وممثليهم.

3. معالجة الأعراف الاجتماعية والثقافية التي تحيل الرعاية والعمل المنزلي إلى النساء فقط والإشارة إليه على أنه عمل "غير ماهر" ومنخفض القيمة

لا يمكن إنكار أن بعض ظروف العمل السيئة التي يعاني منها عمال الرعاية المنزلية تعود إلى الأزمة الاقتصادية المدمّرة التي أدت إلى إفقار الأسر. وفي الوقت عينه، قد تتأثر الأجور المنخفضة ليس فقط بالقدرة المنخفضة على الدفع ولكن أيضًا بسبب الوضع الاجتماعي المتدني للعمل المنزلي والعمال المنزليين. وبما أن العمل المنزلي لا طالما ارتبط بالعاملات المهاجرات، أدى التمييز المتعدد الجوانب الذي تواجهه تلك العاملات إلى تعزيز الوصمة الاجتماعية للعمل المنزلي، وكان يُنظر إلى عملهن على أنه بديل رخيص ومقبول عن العمل الذي يمكن للأسرة توفيره لنفسها من دون أجر. سيتطلب تغيير هذه الأعراف الاجتماعية التي تعزز من دور المرأة التقليدي في العمل الاجتماعي مجموعة معقدة من التدخلات لتصحيح الصورة النمطية وإظهار مهارة وقيمة العمل المنزلي والرعاية - سواء كان يؤديها مواطنون أو غير مواطنين، رجالًا أو نساء. قد يشمل ذلك حملات المناصرة وتغيير صورة العاملين في مجال الرعاية في وسائل الإعلام وتشجيع الرجال لخوض عمل الرعاية والعمل المنازلي لتطبيع الفكرة بين عامة الناس وتحديد / قياس عمل الرعاية غير مدفوعة الأجر. بالإضافة إلى ذلك، ينبغي أن يضمن (المرتبط بإدراج عاملات المنازل في قانون العمل) حصول العمال على حد أدنى للأجور مع وجود مواءمة تدريجية للأجور وفقًا للمؤهلات وظروف العمل والمسؤوليات التي يتحملها العاملون في مجال الرعاية.

4. إضفاء الطابع المهني على القطاع ولكن من دون خلق تسلسل هرمي وتقسيمات غير ضرورية

نظراً لانه لا يتم الاعتراف بالمهارات اللازمة للرعاية العالية الجودة نظرًا للسمة غير الرسمية للقطاع والاستمرار في تخفيض قيمة أعمال الرعاية المشار اليها مسبقاً. فإنّ إضفاء الطابع المهني على القطاع من خلال التدريبات المستهدفة وبرامج إصدار الشهادات أمر مرحب به. هذا من شأنه أن يرفع من القيمة غير المعترف بها ومساهمات العاملين في مجال الرعاية تحديدا في مجال رعايةالمسنين والرعاية الصحية طويلة الأجل ودعم الأشخاص ذوي الإعاقة. ويمكن أن يساعد في تحسّن الأجور المنخفضة وظروف العمل الاستغلالية للغاية للعاملين في مجال الرعاية من خلال تمكينهم من المطالبة بحقوقهم كعمال مهاجرين. ومع ذلك ، يجب أن يراعي إضفاء الطابع المهني على القطاع التسلسل الهرمي الاجتماعي المحتمل الذي يمكن أن يساهم فيه الاحتراف. وعلى وجه التحديد، ينبغي جعل هذه التدريبات متاحة عالميًا للعاملين في مجال الرعاية بغض النظر عن الجنسية أو الوضع الاجتماعي وذلك من أجل منع العمال المستضعفين بالفعل من أن يصبحوا أكثر ضعفًا. كذلك، يجب ألا يخضع العمال الذين لم يتمكنوا من الحصول على التدريبات أو برامج الشهادات بسرعة إلى أجور أقل أو ظروف عمل أسوأ.

كلّ شخص يحتاج أو سيحتاج إلى الرعاية في وقتٍ ما. نحن بحاجةٍ إلى الرعاية في سن الطفولة من أجل البقاء على قيد الحياة، نحتاج إلى الرعاية عندما نتعرض لحادث أو مرض، كما نحتاج إلى الرعاية للعائلة والأسر لضمان أفضل جودة ممكنة للحياة مع تقدمنا في العمر، بما في ذلك قرب نهاية الحياة. بالنظر الى قيام النساء بتأدية غالبية الرعاية غير مدفوعة الأجر في المنزل – في لبنان، يزيد عمل الرعاية غير مدفوع الأجر والعمل المنزلي الذي تقوم به النساء عن 3 إلى 10 مرات مقارنة بالرجال. توّفر أعمال الرعاية مدفوعة الأجر إمكانيات كبرى لتنمية الاقتصاد ودخول المرأة ودفعها بقوّة في القوى العاملة. حان وقت إعطاء الأولوية لعمل الرعاية والعمل اللائق لعمال الرعاية المنزلية.